يعيش القطاع المصرفي في العراق، بأيام لا يحسد عليها، اثر توالي العقوبات الأمريكية على المصارف واحدا تلو الآخر، وهو ما ينذر بحصول “كارثة” اقتصادية، ستواجه الحكومة عاجلا أم آجلا، بظل تذبذب أسعار الصرف فوق حاجز ال150 ألفا لكل 100 دولار.
وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 14 مصرفا، حسب ما كشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال، وتأتي هذه العقوبات بعد أشهر على عقوبات مماثلة بحق 4 مصارف عراقية أخرى إثر اتهامها بحجج وذرائع مختلفة من بينها غسل الأموال.
وتثير العقوبات الأميركية موجة قلق جديدة لدى العراقيين، لا سيما أن جميع الإجراءات الحكومية خلال حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لم تفلح في تقريب سعر الصرف الموازي من السعر الرسمي.
وفي وقت سابق من اليوم، بحث وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكن، العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأمريكية على مصارف عراقية.
عضو مجلس النواب، زينب الموسوي، كشفت سبب وضع وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات اقتصادية على بعض المصارف العراقية، وفيما وصفت حجج واشنطن ب “الكاذبة”، أكدت ضرورة التخلص من اعتماد العراق على الدولار.
وتقول الموسوي، في حديث لوكالة/ المعلومة/، إن “الإدارة الأميركية دائما ما تلجأ لمعاقبة العراق عن طريق وضع مؤسسات رصينة وخاضعة لسيطرة الدولة العراقية كما فعلت مؤخرا بوضع مصارف عدة على لائحة عقوبات وزارة الخزانة الأميركية بحجة كاذبة غير ملموسة الدليل”.
وتضيف، أن “واشنطن تعمل على معاقبة المصارف العراقية من أجل خفض قيمة الدينار العراقي ورفع قيمة الدولار الأميركي في خطوة لإذلال العراق وطلب المساعدة من قبل واشنطن في تزويد البلد بالعملة الأجنبية”.
وتؤكد عضو مجلس النواب “ضرورة تغيير اعتماد العراق على الدولار من خلال بيع النفط الخام المصدر الوحيد للدولة العراقية وبيعه بالعملات الأجنبية الأخرى مثل اليوان الصيني والروبل الروسي وعملات أخرى لها قوتها ورصانتها في الأسواق العالمية ومغادرة الهيمنة الأميركية على الاقتصاد العراقي”.
وتوضح الموسوي، أن “عقوبات الخزانة الأمريكية ستعرقل مسار الحوالات وتصيب القطاع المصرفي العراقي بالفوضى وتؤثر على سعر الصرف أيضا الداخلي بشكل كبير وهذا ما تبعاه واشنطن حاليا”.
“تقصير محلي”
بدوره، أحصى الخبير الاقتصادي، ضياء المحسن، عدد المصارف التي طالتها عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، فيما أكد أن البنك المركزي العراقي في واد، والعقوبات “بواد آخر”.
ويذكر المحسن، في حديث لوكالة/ المعلومة/، إن “النظام المصرفي بإدارة البنك المركزي، كان عليه أن يوجه العقوبات على المصارف الخاصة من قبله، وليس من الفيدرالي الأمريكي”.
ويلفت إلى، أن “المصارف التي تعاقبت من الأمريكان، تملك إدارة البنك المركزي، معلومات حولها، والتي تعمل بشكل مخالف لنظام وتعليمات المركزي العراقي بخصوص التعاملات الخاصة مع الزبائن سواء في داخل البلد أو خارجه”.
ويتابع الخبير الاقتصادي، أن “البنك المركزي إذا كان يملك معلومات عن هذه المصارف، والعقوبات تأتي من الخارج، فيبدو أن إدارة البنك، غير جديرة بإدارة هذا الملف المهم على الصعيد الداخلي أو الخارجي للبلد باعتبار أن النظام المصرفي لديه تعاملات خارجية”.
ويبين المحسن، أن “العقوبات الأمريكية طالت منذ الشهر العاشر في عام 2023, 14 مصرفا ، بالإضافة إلى المصارف الجديدة التي تبلغ عددها 8″، لافتا إلى أن “هذه المصارف تمثل أكثر من 40 %، باعتبار وجود 72 مصرفا، وهذه نسبة كبيرة”.
ويؤكد الاقتصادي، أن “هذه النسبة تعطي مؤشرا تتمثل بأن إدارة البنك المركزي لا تعبئ بما يجري حولها، وكأنها في واد، والعقوبات التي تطرأ على المصارف الخاصة في واد آخر”.
ويعاني الاقتصاد العراقي، منذ فترة طويلة، من الضغوط الأمريكية، التي تعمل بين الفترة وأخرى على اتخاذ قرار يزيد من الضغط على العملة المحلية، ويرفع من أسعار الدولار، بظل عدم سيطرة البنك المركزي العراقي، على هذه الأزمة